أزمة اليمن: 1000 يوم منذ بدء الكارثة الانسانية في اليمن

أزمة اليمن: 1000 يوم منذ بدء الكارثة الانسانية في اليمن

طفل يجلس فيما تبقى من منزله بعد القصف في صنعاء - تصوير: أوكسفام اليمن/ جابريز

تحميل: 
1000 days media brief YEMEN AR.docx 514.97 كيلوبايت

موجز اعلامي خاص بمنظمة اوكسفام

أزمة اليمن: 1000 يوم منذ بدء الكارثة الانسانية في اليمن

ستكون الحكومات الغربية متواطئة في أسوأ أزمة إنسانية في العالم إذا لم تتصرف الآن، حيث ان 1000 يوما من الحرب تستمر في دفع البلاد نحو وضع عصيب.

خلفية عن الموضوع:

قد عصفت باليمن حرب معقدة ودموية تصاعدت في آذار / مارس 2015، شملت مع اخرين الحكومة اليمنية مدعومة بتحالف عسكري تقوده المملكة العربية السعودية والحوثيين الذين كانوا حتى وقت قريب متمسكين بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.

وعلى مدى ال 33 شهرا الماضية، أدت الغارات الجوية والنزاع المسلح إلى مقتل آلاف المدنيين وإجبار ملايين الأشخاص على مغادرة منازلهم. كما ان البلاد تعاني حاليا اكبر تفشى لوباء الكوليرا قد سُجل على الاطلاق هذا وقد حذرت الامم المتحدة من ان اليمن قد تواجه اسوأ مجاعة فى العالم قد تم تسجيلها في العقود الاخيرة

ألف يوم من الحرب

وضع متدهور شهرا بعد شهر

قبل الصراع ، كانت اليمن أفقر بلد في المنطقة ، وأدى 1000 يوما من الحرب إلى مستويات غير معقولة من المعاناة والكوارث الإنسانية[1]

26 آذار / مارس 2015: بدأ التحالف بقيادة السعودية ضربات جوية في محاولة لإعادة تأسيس الحكومة المعترف بها دوليا. وانتشرت الحملات الجوية وعم القتال البري المسلح جميع أنحاء البلاد.

في صيف العام 2015: يتمكن التحالف من السيطرة على عدن وجنوب اليمن، بينما تبقى تعز تحت الحصار من قبل الحوثيين وقوات صالح

.18 آب / أغسطس 2015: تم قصف رافعات ميناء الحديدة.

3 حزيران / يونيو 2016: قصفت الحوثيون سوقا في مدينة تعز، مما أدى إلى مقتل 12 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 120 بجروح[2].

أغسطس 2016: قام التحالف باغلاق مطار صنعاء الدولي.فيما تصاعدت حدة القتال والغارات الجوية. وقد تعرضا مبنيي مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود ومدرسة لضربات جوية.

16 أغسطس 2016: تسببت القذائف التي أطلقتها القوات التابعة للحوثيين الى مقتل سبعة مدنيين في جنوب المملكة العربية السعودية[3].

4 تشرين الأول / أكتوبر 2016: مقتل 10 أطفال جراء القصف على المناطق المدنية من قبل القوات التابعة للحوثيين في مدينة تعز.

8 أكتوبر / تشرين الأول 2016: ضربت عدة غارات جوية صالة عزاء في صنعاء مما أسفر عن مقتل وجرح المئات.

مارس 2017: تم اعلان 7 ملايين شخص على وشك المجاع.

أبريل 2017: بدء تفشى الكوليرا الاول في اليمن.

6 تشرين الثاني 2017: اطلق الحوثيون صاروخا باتجاه الرياض. ويفرض التحالف الذي تقوده السعودية حصارا جديدا على جميع موانئ اليمن، مما يؤدي إلى حصار البلاد بشكل كامل.

23 نوفمبر 2017: توافق المملكة العربية السعودية على السماح للإمدادات الإنسانية بدخول الموانئ اليمنية، ولكن لم يتم السماح بادخال الوقود، وتم السماح لثلث احتياجات اليمن الغذائية فقط بالدخول إلى الموانئ الشمالية في اليمن منذ أوائل نوفمبر / تشرين الثاني.

النزوح والوفاة

ومع تصاعد النزاع، انقلبت حياة الملايين من الناس رأسا على عقب. وأسفرت الغارات الجوية والنزاع البري المسلح والقصف العشوائي للصواريخ وطلقات القناصة من جانب جميع الأطراف عن مقتل ما يقرب من 5300 مدني منذ آذار / مارس [4]2015. فيما أصيب ما يقرب من 000 9 شخص.

لقد اضطر ثلاثة ملايين شخص إلى النزوح من منازلهم. في ظل القنابل والقصف من حولهم، كانوا قد حزموا بعض ممتلكاتهم وهربوا إلى اقرب مكان آمن يأويهم، مثل شجرة، مخيم، كهف في الجبل أو منزل قريب، وفي بعض الأحيان كان الامان يبعد مئات الكيلومترات عنهم. فقدت معظم هذه الأسر كل ما لديها. ولا يزال أكثر من مليوني شخص مشردين الى اليوم، ويعيشون في مخيمات مزدحمة لا يحصلون فيها إلا على القليل من الغذاء والماء، أو تستضيفهم أسر تكافح من أجل توفيرالمساعدة للجميع.

لم يكن أمام العديد من الأسر الأخرى خيارا سوى البقاء ومواجهة خطر الموت نظرا لعدم توفر وسائل نقل لتقلهم بعيدا عن الحرب.

يحتاج 22.2 مليون شخص - أي ثلاثة أرباع سكان اليمن - إلى المساعدة الإنسانية والحماية[5]، بزيادة تصل الى 40 في المائة منذ تصاعد النزاع. فيما ان اكثر من نصف هذا العدد (11.3 مليون) بحاجة ماسة للمساعدة[6].

وقد أصيبت البُنى التحتية مثل المنازل والمدارس والمستشفيات والمحال التجارية والمصانع والمزارع والأسواق والطرق والجسور فيما يًعد ذلك مخالفا لقواعد الحرب . وقد قصفت مناطق مأهولة بالسكان كما تم تجنيد الأطفال من قبل الجماعات المسلحة.

مابين الدبلوماسية والحرب

في 14 نيسان / أبريل 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2216 الذي يطالب جميع الأطراف اليمنية، والحوثيين على وجه الخصوص، بإنهاء العنف[7]. وبغض النظر عن الهدنة الانسانية التي استمرت لمدة خمسة ايام في أيار / مايو 2015، ووقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوعين في أواخر كانون الأول / ديسمبر 2015، استمرت عمليات إراقة الدماء دون انقطاع حتى نيسان / أبريل 2016. وتم الاتفاق على وقف الأعمال العدائية، وبدأت محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في الكويت، ولكنها فشلت في أوائل أغسطس / آب 2016، ومنذ ذلك الحين، استمر الصراع، مما أدى إلى خسائر فادحة في التعداد السكاني.

هذا وتقوم العديد من الحكومات الغربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بمساندة التحالف الذي تقوده السعودية، وبينما تدعو هذه الحكومات إلى إنهاء الحرب، فإنها تواصل مع إسبانيا وفرنسا وكندا واستراليا وإيطاليا بيع الاسلحة والمعدات العسكرية لبعض اطراف النزاع بمليارات الدولارات من الدولارات من الأسلحة لأطراف النزاع. فيما يُتهم الحوثيون أيضا بتلقي الدعم والأسلحة من إيران.

إقتصاد محطم

لقد أدت الحرب إلى إضعاف الاقتصاد اليمني، حيث تقدر الأمم المتحدة أن 8.4 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة لتلبية احتياجاتهم الأساسية[8]. كما تضرر قطاعي الزراعة والصيد واللذان كانا يُعتبرا المصدر الرئيسي للدخل ل 73 في المائة من السكان قبل الحرب[9]، بسبب النزاع المسلح والضربات الجوية، فضلا عن شحة المياه والبذور والأسمدة واللقاحات أو حتى الوقود للري، فضلا عن منع بعض الأسر من العمل[10].

ونتيجة لذلك، كان إجمالي محصول الحبوب في اليمن عام 2016 أقل بحوالي 37٪ من متوسط الانتاج في السنوات الخمس السابقة و 11٪ أقل من موسم الحصاد في عام 2015. وشهدت حوالي 40٪ من جميع الأسر الزراعية انخفاضا في إنتاج الحبوب، في حين أن حوالي 50٪ فقط من جميع الصيادين يمارسون مهنتهم[11].

وقد فقد أكثر من نصف العاملين في القطاع الخاص (55 في المائة) وظائفهم بسبب النزاع[12].

وبالمثل، فإن حوالي 1.2 مليون موظف مدني - أي أكثر من ثلث القوى العاملة في اليمن - لم يتلقوا رواتبهم أو تلقوا اجزاء من رواتبهم منذ آب / أغسطس 2016 [13]. هذا ويعتمد حوالي 7 ملايين يمني اجمالا على الرواتب االحكومية.

في مثل هذه الظروف، يصبح التمكن من الوصول إلى الاحتياجات الأساسية معاناة يوميه بالنسبة لآلاف الأسر

.[14]

على حافة المجاعة

لقد دفع الصراع البلد الذي يعتبر فقيرا بالفعل إلى حافة الهاوية. وقبل تصاعد النزاع، كان 10.6 مليون شخص يعانون فعليا من الجوع في اليمن [15]- أولئك الذين يصنفون على أنهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي. بعد ألف يوم، أصبح 17.8 مليون يمني الآن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة قدرها 68 في المئة، وهذه تعتبر أكبر حالة طوارئ غذائية في العالم. [16]

الجدير بالذكر انه قبل النزاع، كانت اليمن تستورد 90 في المائة من الغذاء الذي تحتاجه[17]. وأدى الحصار الذي فرضه التحالف الذي تقوده السعودية في آذار / مارس 2015 إلى ارتفاع اسعار السلع الأساسية مثل الدقيق والوقود بشكل ملحوظ، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 55 و 560 في المائة بحلول أيار / مايو 2015[18]. وتراجعت الأسعار بعد ذلك ولكنها تذبذبت منذ ذلك الحين استمرت القيود الجديدة المفروضة على الشحن وتدمير العديد من مرافق الموانئ، مثل رافعات ميناء الحديدة في آب / أغسطس 2015، في اعاقة تدفق الأغذية إلى اليمن.

ويؤثر القتال والتدمير المتعمد للطرق والجسور على توزيع تلك الإمدادات التي تصل إلى اليمن. كما ان مدينة تعز تعتبر احدى المناطق التي تعاني من الحصار من قبل حكومة الامر الواقع المتمثلة بالحوثيين.

كانت دوشة أحمد (35 سنة) تعيش في محافظة صعدة مع زوجها وأطفالها الأربعة. وعندما اندلعت الحرب، فروا إلى مخيم في محافظة حجة. وبعد فترة وجيزة سمعوا أن عائلة زوجها بأكملها قد قُتلت في غارة جوية أثناء تناولهم وجبة الغداء. وبعد عام من المعاناة من دون دخل، قرر زوجها الانضمام إلى احدى الجماعات المسلحة للقتال حيث ان ذلك كان العمل الوحيد المتاح. قُتل زوجها بعد ذلك بوقت قصير.

"نحن وحيدون ووضعنا في النزوح سئ. أطفالي الصغار يجمعون الزجاجات البلاستيكية في الشوارع ويبيعونها مقابل 50 ريال (حوالي 0.12 دولار أمريكي). فبهذا المال، يمكننا شراء 500 غرام من الدقيق لوجبة وتلك هي وجبتنا الوحيدة في اليوم. "

مُنذُ تصاعد النزاع، زادت تكاليف شحن القمح والأرز للمستوردين بنسبة تتراوح بين 60 و 75 في المائة و 100 في المائة على التوالي، بينما ارتفعت تكاليف النقل بنسبة تصل إلى 100 في المائة[19].

في خضم كل هذه الأرقام، فان المواطن العادي هو الاكثر معاناة من كل ذلك.

بين مارس 2015 ونيسان 2017، ارتفعت أسعار حبوب القمح بنسبة 31٪، ودقيق القمح بنسبة 32٪، والأرز بنسبة مذهلة تصل الى 85٪. كما ان قيمة الريال اليمني قد انخفضت، حيث شهدت العملة زيادة بنسبة 84٪ كمعدل تقريبي من 215 ريال يمني مُقابل الدولار الامريكي الواحد في 2014 الى 396 ريال يمني مُقابل الدولار الامريكي الواحد بحلول نهاية أكتوبر 2017، كل ذلك ضاعف ازمة اليمنيين عند شراء الطعام[20].

منذُ سبتمبر / أيلول 2017، كان متوسط أسعار المواد الغذائية مُعتدلا، ولكن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 29 في المائة منذ آذار / مارس 2015 [21]. وبعد الحصار المُجدد في تشرين الثاني / نوفمبر 2017، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة إضافية تصل إلى 28 في المائة[22].

بناءا على كل ذلك فان النتيجة الإجمالية هي بلد على حافة المجاعة. حيث أصبح 8.4 مليون شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، بزيادة مذهلة بلغت 23 في المائة في تسعة أشهر[23].

أُجبر ثابت عبد الله، وهو رجل في السبعينيات من عمره، على الانتقال إلى قرية النبية في محافظة لحج مع أسرته بسبب الحرب. لم يكن لديهم مكان يذهبون إليه حتى استقروا في مكان تحت شجرة حولوه إلى منزل في الهواء الطلق الى ان تمكنوا اخيرا من بناء كوخ صغير مصنوع من القش. وبغية كسب بعض المال، يحاول ثابت أن يبيع الحطب مع ابنيه، ثم يقومون بتقاسم ماجنوه، ولكن ذلك لا يكفي لتغطية لحتياجاتهم الأساسية من الغذاء والماء.

"أحيانا نأكل، وأحيانا نحن لا. فاني لا اشتري الطعام الا عن طريق الدين وذلك فقط لشراء الدقيق والزيت والسكر. لا يمكننا تحمل نفقة أي شيء آخر. للحصول على الماء، يتوجب على أبنائي وأحفاد المشي لمدة 30 دقيقة للذهاب جلبه عدة مرات في اليوم.ما كنت سأشتري الماء لو ملكت المال، كنت سأشتري الطعام عوضا عن ذلك! "

كما أن تزايد انعدام الأمن الغذائي يتسبب أيضا بارتفاع مستويات سوء التغذية، حيث يعاني 2.9 مليون شخص حاليا من سوء التغذية الحاد. ويعاني 000 400 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد الشديد، كما زادت معدلات ضُعف النمو لدى الاطفال [24]

وفي ظل هذا الوضع الكارثي، لا يمكن لمنظمات الإغاثة أن تساعد إلا على عدم تدهور الوضع. ولا تغطي واردات الأغذية الإنسانية المُنقذة للحياة سوى 20 بالمائة من الاحتياجات الشهرية للبلد من الغذاء[25]. كم ان نداء الأمم المتحدة نفسه لا يستهدف سوى 12 مليون شخص، وهو ما يعني أنه حتى لو تم تمويله بالكامل، فإن احتياجات ما يقرب من 10 ملايين شخص لن يتم تلبيتها.

وتحذر الأمم المتحدة الآن من أنه ما لم يتم التعامل مع أزمة الأمن الغذائي بسرعة، فإن اليمن سيواجه أسوأ مجاعة شهدها العالم منذ عقود[26].

نظام صحي مُصاب بالشلل

اصبح اليمنيون معرضون بشكل متزايد للمرض بسبب ضعفهم جراء الجوع والحرب. وفي هذه الأثناء، اصبحت امكانية حصولهم على الرعاية الصحية مُنعدمة بسبب الحرب.

في الفترة ما بين 2014 و تشرين الثاني / نوفمبر 2017، تضاعف تقريبا عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية والكافية ليصل إلى 16.4 مليون شخص، منهم 9.3 ملايين في حاجة ماسة[27]. هذا التدهور الشديد هو في معظمه نتيجة للهجمات التي شلت نظام الرعاية الصحية.

لم تعد تعمل سوى نصف المرافق الصحية[28] بسبب القصف الذي تعرضت له المستشفيات والعيادات او بسبب استحواذ الجماعات المسلحة على بعض منها، او بسبب نقص الوقود والأدوية.

ندى عبد الله، 32 سنة، تعيش في محافظة تعز. وبسبب التفجيرات، عانت من الإجهاض في بداية الحرب. وبعد شهور، اضطرت إلى مغادرة منزلها مع أطفالها الأربعة بسبب الجماعات المسلحة. عاشت في مخيم حتى نزحت مرة أخرى عندما قُصف المخيم بسبب القتال القريب. الآن يعيشون في مخيم آخر، في خيمة بلاستيكية صغيرة.

"عندما يقُل الطعام لدينا، أمشي لساعات للوصول إلى القرى المجاورة واطرق الأبواب واطلب أي شيء يمكن أن يعطيني اياه الناس. ابنتي عائشة مازالت طفلة وكانت تُعاني من الحُمى الليلة الفائته، سهرت طوال الليل بجانبها وانا خائفة وابكي حيث اني لم استمكن من اخذها للمستشفى ولم اتمكن حتى من شراء مسكن او اي شئ لتخفيض حرارتها ". يعيش يحيى علي في صنعاء مع زوجته و 10 أطفال، ويواجه نفس التحدي. أصيب شقيقه بسكتة دماغية جعلته يعاني جسديا وعقليا. في حين أنه يحتاج إلى فحوصات طبية منتظمة، لكن يحيى اصبح غير قادرا على مساعدة أخيه.

"من دون أي دخل، لا أستطيع دفع ثمن أي من هذا. كل شيء مكلف جدا، ليس لدي المال لذلك. الشيء الوحيد الذي يمكنني شراؤه هو الأسبرين. كيف يمكن أن يساعد هذا؟ "

تُعتبر الحرب أرض خصبة لأنتشار الأمراض

اندلع وباء الكوليرا لأول مرة في أكتوبر 2016، مع أكثر من 25،000 حالة اشتباه بالاصابة في الأشهر الستة التي تفشى فيها المرض لاول مرة[29]. وحدث تفشي آخر أكثر خطورة في نيسان / أبريل 2017 وانتشر بسرعة فتاكة تفاقمت بسبب موسم الأمطار في ربيع عام 2017، مع استمرار تدهور النظام الصحي وإضراب عمال الصرف الصحي - مما أدى إلى تكدس القمامة في الشوارع

اصابت العدوى مئات الالاف من الاشخاص فى غضون شهرين. في ذروة التفشي كان يموت شخصا واحدا كل ساعة. اصبح تفشي الكوليرا في اليمن هو الاكبر في العالم[30]. ومنذ نيسان / ابريل، انتشر وباء الكوليرا في كل زاوية تقريبا في البلد الذي مزقته الحرب. ويعتقد ان ما يقرب من مليون شخص قد اصيبوا وان اكثر من 2200 شخص قد لقوا مصرعهم[31].

ففي أقل من ستة أشهر، تسبب تفشي الكوليرا في اليمن في إصابة عدد أكبر من الناس مقارنة بعدد الاشخاص الذين اصيبوا بالكوليرا في هايتي. غير أن هايتي استغرقت سبع سنوات للوصول إلى هذا العدد.

انقطعت مياه الشرب النظيفة عن علي الورد (45) و بدرية عبد الله (38) بسبب عدة غارات جوية قصفت قريتهم بمحافظة حجة. أدى تدهور أوضاع النظافة والصرف الصحي في القرية إلى سهولة انتشار الكوليرا بسرعة. اصيب 11 فردا من أسرتهم بالكوليرا، بما في ذلك بدرية.

نحن نشرب الماء من البئر في القرية. لم نكن نعرف ما إذا كانت ملوثة أم لا. ولا يوجد أي مصدر لمياه الشرب هنا، ولا توجد خدمة لنقل المياه. وإذا أردنا شراء شاحنات لنقل المياه، فسوف يكلفنا ذلك أكثر من 11،500 ريال يمني (حوالي 28 دولارا أمريكيا) ليكفينا لمدة أسبوع واحد فقط ".

إن تفشي وباء الكوليرا هو أيضا مثال على الكيفية التي تتشابك فيها الأزمات المختلفة كنتيجة مباشرة سببتها الحرب. أما محافظاتي حجة والحدیدة، اللتان تعتبرا من بین أسوأ المناطق من حیث انعدام الأمن الغذائي، فھما أیضا من بین المحافظات التي تضم أکبر عدد من حالات الاشتباه في الإصابة بالکولیرا. وبالمثل، تظهر محافظات حجة وصنعاء وتعز أعلى عدد من النزوح، مع ارتفاع أعداد المشتبه في إصابتهم بالكوليرا وانعدام الأمن الغذائي، وكلهم يتعرضون لقصف مكثف ونزاع مسلح. [32]

على الرغم من أن الوباء قد تمت السيطرة عليه الى حد معين فقد آخذت حدته الان في التباطؤ، ولكن لازال احنكال اندلاعه مرة أخرى قائما لأن تشديد الحصار يؤدي إلى نقص الوقود اللازم لتزويد الملايين من الناس بالماء النظيف.

وفي الوقت ذاته، تنتشر الدفتيريا حيث ان هنالك 318 حالة مشتبه فيها و 28 حالة وفاة مسجلة في 15 محافظة من أصل 22 محافظة في اليمن، ونصف الحالات من الأطفال دون سن 14 عاما[33].

معاناة المرأة في تزايد

تواجه المرأة اليمنية حاليا أخطر انواع التفاوت في العالم عندما يتعلق الأمر بالموارد مثل الحماية القانونية أو العدالة أو الرعاية الصحية أو التعليم، وفقا لدراسة عالمية حول الفجوة بين الجنسين[34]. ويظهر هذا الاختلال بوضوح من حيث األأمن الغذائي والتغذية، حيث تعاني النساء في اليمن بشكل اكبر من الرجال.

غالبا ما تكون النساء أول من يُحرم وجبات الطعام أو يتناولن كميات صغيرة منه[35]. 1،1 مليون امرأة حامل أو مرضعة يعانين من سوء التغذية الحاد[36] ، وتتعرض النساء اللواتي يعانين من سوء التغذية لخطر متزايد من إنجاب أطفال يعانون من سوء التغذية[37]. وهناك أيضا أكثر من 52،000 امرأة تتعرض لخطر المضاعفات أثناء الولادة.

كما زادت حوادث العنف ضد المرأة بأكثر من 63 في المائة على مدى العامين الماضيين. [38]

فالنساء اليمنيات، لا سيما المشردات منهن، يكافحن بشكل متزايد للحصول على الخدمات الطبية والرعاية الصحية، فضلا عن الخدمات القانونية، حيث فقدن أوراقهن الشخصية، أو لم يمتلكن اي ثبوتيات أبدا، ولم تعُد الوسائل أو الهياكل الأساسية اللازمة للحصول عليها متوفرة.

مستقبل الأطفال المجهول

لأطفال يتحملون وطأة الصراع، ويبدو مستقبلهم قاتما على نحو متزايد مع استمرار الحرب.

يُقدر أن 4،1 مليون طفل يحتاجون الآن إلى مساعدة لمواصلة تعليمهم[39] ، ولم يعد من الممكن استخدام أكثر من 600 1 مدرسة بسبب تدميرها أو استخدامها لاستضافة نازحين من الأسر المعيشية أو الأطراف المتحاربة.

ارتفعت نسبة الزواج المبكر منذ تصاعد النزاع. ففي الفترة بين عامي 2016 و 2017، ارتفعت معدلات زواج الأطفال من 52 إلى 66 في المائة من الفتيات دون سن 18 عاما[40]. ويمكن أن تتزوج الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 8 و 10 سنوات لتقليل عدد أفراد الأسرة الذين يحصلون على الغذاء، ولكن أيضا اصبح زواج الصغيرات مصدرا للدخل من أجل إطعام بقية افراد الأسرة وتسديد الديون[41].

هذا وقد أدرجت الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيون والقوات الحكومية والقاعدة في شبه الجزيرة العربية والجماعات المسلحة الأخرى في تقريرها المعنون "الأطفال والصراع المسلح" لكونها مسؤولة عن الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال. وفي عام 2016، قُتل أكثر من 500 طفل، وجرح أكثر من 800 شخص، و 33 مدرسة تعرضت لهجوم من قبل أطراف مختلفة[42]. وكانت هناك أيضا 606 حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الأطراف المتحاربة خلال العام الماضي. [43]

تسبب الحصار إلى نقص الوقود والمياه

وعلى رأس هذا الوضع المتدهور وبعد إطلاق صاروخ باتجاه مطار الرياض في 6 تشرين الثاني / نوفمبر 2017، أمر التحالف الذي تقوده السعودية بإغلاق جميع الموانئ البرية والجوية والبحرية اليمنية بشكل مؤقت، من بين تدابير أخرى، مما أدى إلى حصار البلاد. وقد ارتفعت الأسعار بشكل مهول في غضون أيام مع زيادة في اسعار الوقود تصل إلى 170 في المائة واسعار المياه بنسبة 133 في المائة واصبحت قيمة سلة الأغذية مرتفعة بنسبة تصل إلى 28 في المائة[44].

وقد تمت اعادة فتح بعض الموانئ في الأسابيع التالية، ولكن لم يسمح إلا بإمدادات غير كافية لليمن - سواء كانت مساعدات أو شحنات تجارية.

اصبح الوقود الان هو القضية الاهم: حيث يتم استيراد 97 في المائة من احتياجات اليمن من الوقود، وذلك عبر الواردات التجارية فقط. ومع ذلك، لم تدخل أي شحنة وقود إلى البلد منذ 6 تشرين الثاني / نوفمبر، مما أدى إلى نقص الوقود في معظم المناطق الشمالية من البلد - وهي نفس المناطق الأكثر تأثرا بالحصار - في حين أن الأسعار لا تزال مرتفعة جدا بالنسبة للأشخاص العاديين.

اليمن تًعاني فعليا من شحة المياه اكثر من أي مكان في العالم. هناك 16 مليون شخص يفتقرون إلى المياه النظيفة إما بسبب عدم وجود بنية تحتية أو بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف شاحنات المياه. ومن أجل البقاء على قيد الحياة، يضطر العديد من الأسر إلى البحث عن المياه في المناطق المجاورة، التي غالبا ما تكون رحلة خطرة.

نزح سالم إبراهيم (55 عاما) من محافظة تعز عندما اندلعت الحرب. فقد سالم كل شيء. انذاك

"بدلا من منزل، نحن نعيش تحت شجرة كبيرة. لا يوجد شيء هنا. أنا بحاجة إلى المشي لمدة ساعتين كل صباح لجلب 60 لترا من الماء. ثم أكرر نفس الرحلة قبل غروب الشمس. أتمنى لو أننا نستطيع ان نشتري الماء فقط. نحن متعبون جدا. فالماء يكلف أكثر من 4000 ريال (حوالي 9 دولار) ونحن لا نستطيع تحمل ذلك! "

ان اغلب الناس الذين يحصلون على المياه النظيفة يحصلون عليها عبر شبكات تعتمد على الوقود. وعقب النقص في امدادات الوقود، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تسع مدن قد شهدت إغلاق شبكاتها، مما أدى إلى ترك أكثر من 2.5 مليون شخص دون مياه نظيفة.[45].

في حالة عدم السماح بالوقود من الدخول الى البلاد وبشكل سريع، تقدر منظمة أوكسفام أنه يمكن حرمان ثمانية ملايين شخص من المياه النظيفة، مما يترك أكثر من أربعة من كل خمسة أشخاص دون إمدادات ثابتة من المياه النظيفة. وقد يؤدي تعطيل إمدادات الوقود على هذا النطاق إلى حدوث طفرة جديدة لانتشار وباء الكوليرا.

نداءات الأمم المتحدة غير الممولة بالكامل

مع استمرار الاحتياجات الانسانية في التزايد شهرا بعد شهر، لا يزال التمويل الانساني أقل بكثير مما هو مطلوب. وواجهت نداءات الأمم المتحدة لدعم اليمن نقصا متكررا في التمويل بنسبة 55 في المائة و 63 في المائة على التوالي في عامي 2015 و 2016، أي ما يعادل 1.9 بليون دولار من التمويل في غضون عامين، مع عجز قدره 1.3 بليون دولار[46].

لم يتم تمويل نداء عام 2017 إلا بنسبة 61 في المائة، مع عجز يزيد على 910 ملايين دولار. وهذا يعني أن النداء اليمني لم يتم تمويله بالكامل للسنة الثالثة على التوالي. فالعالم لم يعد قادرا على الانتظار لاتخاذ إجراءات فورية وجوهرية - الملايين من الأرواح معلقة في الميزان.

في حين أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هما من بين أكبر المانحين لنداء عام 2017 - يمثلان معا أكثر من 46 في المئة من التمويل – الا أنهما تستفيدان من أكثر من 10 مليارات دولار قيمة مبيعات الأسلحة التي قدمت للأطراف المتحاربة منذ عام 2015، أربعة أضعاف مبلغ النداء الذي وجهته الأمم المتحدة في اليمن لعام 2017.

إذا ظل زعماء العالم يعجزون عن تلبية الاحتياجات الإنسانية والضغط على أطراف الصراع، بينما يستمروا في تأجيج الصراعات عن طريق مبيعات الأسلحة، فسيكونوا متواطئين في أسوأ كارثة انسانية في العالم.

توصي منظمة أوكسفام بما يلي:

  1. على قادة العالم أن يضغطوا على جميع أطراف الصراع للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار لإنهاء إراقة الدماء.
  2. ينبغي أن تكون جميع الطرق البرية والبحرية والجوية إلى اليمن مفتوحة تماما للسماح بالتدفق المنتظم والمستمر للإمدادات التجارية من الأغذية والوقود والأدوية إلى البلد على المستويات اللازمة للانتعاش الاقتصادي ولتلبية احتياجات السكان. ويجب ألا تؤثر الهجمات التي تستهدف الأهداف العسكرية المتصلة بطرق الإمداد والبنية التحتية، بما في ذلك الموانئ، على المدنيين بصورة غير متناسبة وفقا للقانون الإنساني الدولي.
  3. يجب على جميع الأطراف الوفاء بالتزاماتها القانونية لحماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في جميع مناطق اليمن. ويجب أن تُمنع الهجمات على الهياكل الأساسية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والأسواق والأصول الإنسانية والبنية التحتية للمياه، وأن تتوقف عن إعاقة وصول الوكالات الإنسانية.
  4. يتعين على الأمين العام للأمم المتحدة أن يدفع أطراف الصراع إلى استئناف محادثات السلام من أجل التوصل إلى اتفاق سلام تفاوضي. وينبغي أن يشمل ذلك التوفيق بين المجتمعات المحلية، وأن يكون مدعوما بالمشاركة الفعالة للمرأة والشباب والفئات المهمشة الأخرى.
  5. ندعو المانحين إلى تمويل خطة الاستجابة الانسانية في اليمن بشكل كامل. وينبغي أن يكون التمويل مرنا ومتجاوبا مع التحديات على أرض الواقع وعلى المدى الطويل.

ملاحظات

 

[5] Yemen 2018 HNO op.cit.

[6] Ibid.

[8] Yemen 2018 HNO op.cit.

[9] Ibid.

[11] Oxfam – Missiles and Food: Yemen’s man-made food security Crisis (December 2017) ADD LINK

[12] Yemen 2018 HNO op.cit.

[14] Yemen 2018 HNO op.cit.

[16] Yemen 2018 HNO op.cit.

[17] Oxfam op.cit.

[19] Navigating Yemen’s Wartime Food Pipeline - Deeproot Consulting (29 November 2017) http://www.deeproot.consulting/single-post/2017/11/29/Navigating-Yemen%E2%80%99s-Wartime-Food-Pipeline

[20] Ibid.

[21] WFP Yemen Market Watch Report – Issue 17 (September 2017) https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/WFP-0000023401.pdf

[23] Yemen 2018 HNO op.cit.

[24] Ibid.

[25] Oxfam op.cit.

[26] Mark Lowcock, UN Emergency Relief Coordinator (8 November 2017) http://www.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=58058#.Wirc81WnHIU

[27] Yemen 2018 HNO op.cit.

[28] Ibid.

[29] Ibid.

[31] eDEWS (Electronic Disease Early Warning System) – WHO http://ewars.ws/documents#uuid=1aae4113-8693-4a37-9d3b-4fb93bffaadd

[32] Yemen IPC Analysis (March 2017) http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/IPC_Yemen_AcuteFI_Situation_March-July2017_ENversion.pdf – Yemen Data Project http://yemendataproject.org – eDEWS WHO op.cit – TFPM op.cit

[34] World Economic Forum (2016). The Global Gender Gap Report. http://reports.weforum.org/global-gender-gap-report-2016/

[35] Oxfam op.cit

[36] Yemen 2018 HNO op.cit

[37] The State of the World’s Children – UNICEF (December 2008) https://www.unicef.org/sowc09/docs/SOWC09-FullReport-EN.pdf

[39] Yemen 2018 HNO op.cit

[40] UNICEF – Falling through the cracks: The children of Yemen (March 2017) http://files.unicef.org/yemen/Yemen2Years-children_falling_through_the_cracks.pdf

[41] Report from Oxfam staff in Hajjah governorate (November 2017)

[42] UN Children and armed conflict report (24 August 2017) https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/N1726811.pdf

[43] Yemen 2018 HNO op.cit

[44] OCHA op.cit

[46] Financial Tracking Service (consulted on 15 December) https://fts.unocha.org/appeals/542/summary