أشواق وعملها التطوعي لمجتمعها في اليمن

أشواق محرم هي طبيبة منذ 19 عاما. إلى جانب عملها اليومي في عيادة في الحديدة، تعمل كمتطوعة في مجال الرعاية الصحية الأولية للأسر المحتاجة. فمن خلال "العيادة المتنقلة" الشخصية - التي هي في الواقع سيارتها الخاصة - تذهب أشواق من حي إلى آخر لزيارة الناس بالمناطق التي لا توجد فيها مرافق صحية أو أطباء وإلى القرى التي يصعب الوصول إليها والأماكن التي يصل فيها انعدام الأمن الغذائي الي أعلاه. توضح أشواق إن "الناس يتضورون جوعا هنا. لم يعد بإمكاننا أن نتحدث فقط عن الجوع، إنها مجاعة حقيقية، وقد ازدادت سوءا منذ بداية الحرب! "

أدركت أشواق منذ 14 عاما أن العمل في العيادة لم يكن كافيا للوصول إلى الناس لا يستطيعون تحمل تكلفة الانتقال إلى المرافق الصحية أو العلاج. لا يمكن أن توفر الحكومة أيضا الخدمات للجميع، لذلك قررت هي أن تذهب إليهم.

لقد بدأت وحدي. كنت  أذهب لشراء المواد الغذائية بأموالي الخاصة ثم إلى قرية في حاجة إليها وأقوم بتوزيعها هناك. ثم أصبح لدي فريق صغير من سائق وسكرتير وممرضة وداية. والآن يطلب الأصدقاء أن يأتوا معي للمساعدة .

وتقول أشواق إنها تتمتع بدخل جيد، لذا فكان من الطبيعي أن تستخدمه لمساعدة الآخرين. ثم بدأ شقيقها مساعدتها ماليا على عملها، تبعه والدتها، ثم الأصدقاء.والآن حتى الأناس من الخارج يقومون بالإتصال بها للتبرع.

وليس للقرى التي تذهب إليها أي شيء على الإطلاق. فكانت معظم الأسر تعتمد على الصيد للعيش، ولكن توقفت بسبب الحرب، حيث قتل العديد من الصيادين بسبب الغارات الجوية. وأصبح الناس جوعى بدون مصدر غذائي ودخل.

"هذا الوضع كله يجعلني حزينة جدا، وكثيرا ما أبكي علي حال هؤلاء الناس. لا يمكن تتخيل كيف يعيشون، وكيف يتمكنون من البقاء على قيد الحياة مع هذا المستوى من الفقر ".

تقدم أشواق حصص غذائية لإغاثة الناس: وهي تتصل بالمتجر لشراء المواد الغذائية لعشرات الناس، ثم ترتيب النقل والتنسيق مع السلطات المحلية للحصول على الخدمات اللوجستية والتأكد من أن القرية تعرف عن يوم توزيع الغذاء. كما تواصل تقديم الدعم الطبي مثل فحوص الحمل والعدوى والعلاج ضد الملاريا وحمى الضنك.

وبما أن الوضع لن يتحسن قريباً  فإنها تسعى إلى دعم سبل معيشة الأسر لتحسين حياتهم على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال اشترت أشواق الدراجات النارية والأغنام لأكثر من 50 عائلة ممن لا تقدر على تكلفة النقل والغذاء، وذلك حتي يتمتعوا بمصدر جديد للدخل وتلبية احتياجاتهم الأكثر إلحاحا.

ولكن هذا العمل المدهش سيؤثر سلبا علي أشواق. فهي ترى الفقر والمعاناة واليأس والموت بشكل يومي، و كثيرا ما تثقلها نفسيا ضخامة الاحتياجات.

تستطرد أشواق "أتذكر أنني قابلت يوما سالم، وهو صبي يبلغ من العمر خمس سنوات يعاني من سوء تغذية شديد، وقد أصبح وجه المجاعة لليمن في وسائل الإعلام الدولية. وهناك أيضا عبد الرحمن طفل ذو ال 18 شهرا و جسمه رافض للاكتوز ولا تستطيع أمه تحمل الحليب الذي يحتاجه. هؤلاء وآخرون مثل أولادي، ولكن أحيانا لا أستطيع مساعدتهم، أشعر بالخجل للنظر إليهم لأنني أشاهد ألمهم فقط، إنها مسألة لا تطاق "، تضيف أشواق باكية.

ولا يخلو عملها من تحديات، ولا سيما كونها إمرأة متواجدة في بيئة صراع. فغالبا ما تحاول المجالس المحلية أو السلطات أو الجماعات المسلحة منعها من العمل. السياسة تتدخل في الأمور والناس يريدون لها أن تعمل من أجلهم، من خلالهم، للحصول على الفوائد. ومع ذلك، فإنها تصر علي ألا يتدخل أحد في عملها، وإذا كان الناس يريدون المساعدة، فلديهم مواردهم الخاصة للقيام بذلك.

"ثم هناك أيضا الخطر الذي يملأ المكان. فعندما أقود السيارة هناك العديد من التفجيرات حولي، و لا أشعر بالأمان. أحيانا يريد الناس منعني من الذهاب إلى بعض المناطق، لأنني امرأة، ويقولون أنها خطيرة جدا بالنسبة لي. لذلك أجد طرقا أخرى للوصول إلى هناك. أنا أخاف في كل مرة أذهب، لكنني لن أتوقف أبدا ".

بالنسبة لأشواق فإن الحل الوحيد وقف الحرب ، فلن يتحسن الوضع ما دامت الحرب مستمرة. يحتاج العاملون الي دفع رواتبهم ، ويحتاج الناسب الي الخدمات والجوعي يحتاجون لوصول الغذاء اليهم.

وتشرح كيف كانت عائلة سالم تعيش على الصيد. كان لديهم الطعام، وكانوا قادرين على تخزينه في الأوقات الصعبة أو بيعه للدخل. الآن لم يتبق لهم شيء، وأحيانا يمضون يومين دون تناول أي شيء.

على الرغم من كل التحديات، أواصل مساعدة الناس. تستمر الحرب، وتستمر المجاعة فكيف أتمكن من التوقف؟  وتشرح كيف أن الابتسامات . التي تتلقاها تستحق هذه الجهود. فتتذكر مثلا عندما ساعدت إمرأة ضريرة بتغطية تكاليف جراحة عدسة العين ، ولما عاد ابنها البالغ من العمر 20 عاما في وقت لاحق شكرني. "أمي لم تر لمدة 18 عاما، والآن يمكنها !" تلك هي مكافأتي! تستطرد أشواق.