تُرغم الأزمة اليمنية الأسر على اتخاذ تدابير يائسة من أجل البقاء

الاثنين, فبراير 25, 2019

 

أسرة يمنيّة تزوّج طفلة في الثالثة من عمرها في صفقة مقابل الطعام والمأوى

يُرغم النزاع وارتفاع أسعار الغذاء وتراجع الدخل في اليمن الناس على اللجوء إلى تدابير يائسة لدرء الجوع، وفق ما أعلنته منظمة أوكسفام اليوم. يأتي هذا التحذير فيما تجتمع الدول الغنية بجنيف للتعهّد بتقديم المساعدات في إطار الأزمة الإنسانية باليمن والتي وضعت ما يقرب من عشرة ملايين نسمة على شفير المجاعة. ومنذ تصاعد النزاع في عام 2015، إرتفعت أسعار المواد الغذائية في اليمن في حين هوت دخول الأسر، الأمر الذي جعل كلفة الأطعمة الأساسية خارج متناول الكثيرين.

وفي محافظة عمران بشمال اليمن تحدّثت منظمة أوكسفام إلى الأسر التي دفعها الجوع والعزلة جراء النزوح من منازلها إلى تزويج بناتها (لم يتجاوز عمر إحداهنّ ثلاث سنوات) مقابل شراء الغذاء والحصول على المأوى لإنقاذ ما تبقى من الأسرة. وعلى الرغم من أنّ الزواج المبكر لطالما كان ممارسة قديمة في اليمن فإن تزويج البنات في سنّ مبكرة كهذه كمحاولة يائسة للحصول علي الطعام لهو أمر صادمٌ بالفعل.

وعادة ما تعفى الفتيات الصغيرات من إتمام الزواج حتى بلوغهن الحادية عشرة ولكنهنّ يجبرن قبل ذلك السنّ على القيام بأعمال منزلية في منزل أزواجهن. كانت حنان ذات التسعة أعوام تذهب إلى المدرسة لكن منذ أن تزوجت، توقفت عن ذلك. تقول حنان: "تضربني والدة زوجي باستمرار، وحين أهرب إلى منزل والدي، يضربني هو أيضاً بسبب هروبي. لا أريد أن أتزوج. كلّ ما أريده هو العودة إلى المدرسة". يعترف والدا حنان واللذان زوّجا كذلك أختها الصغيرة و البالغة ثلاث سنوات من العمر ، أنهما ارتكبا خطأً بتزويج ابنتهما في هذا السنّ المبكر، ولكنهما شعرا أن ذلك الزواج كان الخيار الوحيد المتاح لهما. فالمهر المدفوع في مقابل الزواج كان السبيل الوحيد لبقاء سائر أفراد الأسرة.

يقول مدير مكتب منظمة أوكسفام في اليمن محسن صدّيقي: "مع استمرار هذه الحرب، أصبحت طرق تعامل الناس مع مستويات الجوع القاتلة أكثر يأساً. فقد أجبر كثيرون على اتخاذ خطوات تدمّر حياة أطفالهم الآن ولعقود قادمة ، وهذه الخطوات نتيجة مباشرة لوجود كارثة إنسانية من فعل الإنسان ونتيجة للنزاع. على المجتمع الدولي أن يبذل قصارى جهده لإنهاء القتال وضمان حصول الناس على الغذاء والماء والدواء الذين هم في أمسّ الحاجة إليهم".

كما أجبر القتال العديد من العائلات على الفرار إلى المناطق النائية التي تفتقر إلى البنى التحتيّة الأساسية وتنعدم بها المدارس وشبكات الماء الصالح للاستخدام وشبكات الصرف الصحيّ و المراكز الصحية. ويعيش العديد من هذه العائلات في خيام صغيرة أو منازل طينيّة لا توفر أيّ حماية تذكر من الشمس أو المطر أو الصقيع خلال ليالي الشتاء الباردة. ومع انعدام الدخل وندرة فرص العمل، لا يستطيع العديد من العائلات تحمّل كلفة شراء ما يكفي من غذاء لذا تضطرّ إلى إلغاء بعض الوجبات أوالعيش على الخبز والشاي فقط أو شراء المواد الغذائية بالدَين أو بالتسوّل.

أفادت الدراسات الاستقصائية التي أنجزت في أواخر العام الماضي على أشخاص من تعز في جنوب اليمن، علي أن  99% من الأشخاص الذين تلقوا المساعدات من منظمة أوكسفام، أن البالغين بالأسر قد خفضوا كمّية طعامهم لإعطاء المزيد من الغذاء للأطفال فيما خفض 98% منهم عدد الوجبات التي يتناولونها يوميا. وقال أكثر من نصفهم إنهم اقترضوا الطعام من أصدقائهم أو أقاربهم. كما قال ما يقرب من ثلثي الأشخاص إنّهم اضطرّوا للاقتراض، وكان ذلك في جميع الحالات تقريباً من أجل شراء الطعام أو الدواء أو الماء.

ويمكن أن يصل عدد أفراد بعض الأسر اليمنية إلى 15 شخصاً من بينهم بعض كبار السنّ الذين يحتاجون إلى رعاية خاصّة ودواء علاوة على نفقات المعيشة التي لا تُحتمل أصلاً.

قبل أسبوع فقط، اتفقت حكومة اليمن المعترف بها دولياً والحوثيين على المرحلة الأولى من الانسحاب من ميناء مدينة الحديدة الرئيس ، وذلك عقب محادثات جرت بين الطرفين في السويد في كانون الأول/ديسمبر. لقد كان التوصل إلى اتفاق بطيئاً وليس من الواضح ما سيكون مدى تأثيره، إن كان ذا أثر أصلاً.

ويقول صدّيقي إنّ "على المانحين المجتمعين في جنيف اليوم التعهّد بتقديم المساعدة إلى اليمن للتأكد من توفّر ما يكفي من تمويل للحصول على الغذاء والماء والدواء الحيويّ من أجل تلبية احتياجات الناس الأساسية. ولكن إنهاء النزاع هو وحده الذي يمكن أن يوقف دوّامة التدهور التي تجبر الناس على اتخاذ تدابير يائسة. على جميع الأطراف المتنازعة وأنصارها الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار على امتداد رقعة الوطن واتخاذ خطوات ملموسة للتوصّل إلى سلام دائم".
 

 

ملاحظة إلى الناشرين: 

ملاحظة للناشر:

تتوفر دراسات حالات للأسر المتضررة من الجوع في اليمن عبر هذا الرابط.

 وقد عمدنا إلى تغيير أسماء جميع الأطفال.